إنتاج محاصيل الخضر
في السودان
1/ مقدمة:
عرف السودانيون محاصيل الخضر منذ زمن بعيد وكان ذلك قاصراً على النباتات البرية، مثل الملوخية البرية والرجلة البرية والويكة الخلوية وبعض المحاصيل التي تزرع في موسم الخريف مثل البامية (الويكة) والبطيخ والشطة بالإضافة إلى بعض النباتات وأوراق بعض الأشجار التي كانت تستعمل كخضر. ويعتبر السودان منطقة تباين (Centre of diversity) لبعض هذه المحاصيل مثل البامية والبطيخ حيث توجد لها في مختلف مناطق السودان طرز متباينة في كثير من الصفات. وفي أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ودخول الأتراك والإنجليز والمصرين إلى السودان غزت البلاد ثقافات غذائية جديدة ودخلت البلاد محاصيل من الخضر لم تكن معروفة مثل الطماطم والبطاطس والباذنجان والكرم والقرنبيط اللذان يطلق عليهما الخضر الأفرنجية، بالإضافة لمحاصيل الخضر الأخرى. ولقد انتشر الآن استهلاك الخضر واكتسبت أهمية كبيرة كمحاصيل غذائية فزاد الإنتاج بل أصبحت الخضر من المحاصيل التي يعول عليها كثيراً كمحاصيل صادر يمكن أن تساهم في دعم الاقتصاد القومي.
2/ المساحات والإنتاج:
لقد ظلت مساحات وإنتاج محاصيل الخضر في زيادة مستمرة منذ عام 1978. (الجدول رقم 3) وذلك نسبة للطلب المتزايد نتيجة للزيادة في السكان والهجرة الكبيرة إلى المدن وارتفاع الدخل والتحسن الذي طرأ في المستوى الغذائي. لقد بلغت مساحة الخضر في السودان حسب تقديرات إدارة البساتين للعام 2003 م حوالي 509428 فدان، ويقدر الإنتاج لنفس العام بحوالي 2968990 طن لمختلف أنواع الخضر الجداول رقم (4 و 5). الجدول رقم (6) يوضح المساحة والإنتاج لبعض محاصيل الخضر في السودان حيث زادت مساحة البصل من 14 ألف فدان عام 1978 إلى 117 ألف فدان عام 2003م، كما زاد الإنتاج من 116 ألف طن إلى 971 ألف طن. وتنطبق نفس الزيادات على المحاصيل الأخرى.
3/ أهمية إنتاج الخضر:
كان إنتاج الخضر في الماضي مهمشاً ولكن زاد الاهتمام بها في السنوات الأخيرة للدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه في سد الفجوة الغذائية ولمحتواها من العناصر الغذائية خاصة الأملاح والفيتامينات. والخضر تعطى قدراً من الربح أكبر مقارنة بالذي تعطيه المحاصيل الحقلية وتحقق تنوعاً في الإنتاج. كما تعتبر وسائط هامة للصناعات الغذائية ويؤمل أن يكون لها دوراً كبيراً في اقتصاد البلاد كمحاصيل تصديرية هامة مما يخلق تنوعاً في الصادرات وثباتاً في الدخل القومي. ولقد بدأت بوادر ذلك في السنين الأخيرة بارتياد أسواق الخليج وأوربا. ووجدت محاصيل الخضر كالشمام (القاليا) والفاصوليا الخضراء رواجاً واكتسبت سمعة طيبة في هذه الأسواق (محمد وآخرين، 1999).
4/ طرق وأنماط زراعة الخضر في السودان:
تتركز محاصـيل الخضر في القطاع المروى وتحتـل أخصـب الأراضي ويأتي معظم الإنتاج من المـزارع ذات الحيـازات الصغيرة المنتشرة على ضـفاف الأنهار والوديان وتروى رياً صـناعياً كما أن مساحات واسعة من الأراضي خصصت لزراعة الخضر في المشاريع الزراعية الكبيرة كالجزيرة والرهد حيث تبلـغ مساحة الخضـر في مشروع الجزيـرة وحده 50 ألف فدان. يوجه الإنتاج بصـفة رئيسـية في القطاع المـروى إلى أسـواق المدن القريبة لتسويقه. وفى غرب وجنوب السودان يعتمد الإنتاج اعتماداً كبيراً على الأمطـار ويوجه معظم الإنتاج فيه بغرض معيشة أفراد الأسرة.
5/ أهم المحاصيل:
يمكن إنتاج غالبية أنواع الخضر في السودان ولكن البصل – الطماطم – البامية – الباذنجان – البطاطس – البطيخ – الشمام – العجور والخضروات الورقية تمثل أهم أنواع الخضر التي تنتج في مساحات كبيرة. الخضروات الأخرى تزرع في مساحات صغيره ومحصولي البصل والطماطم يغطيان أكثر من 50% من المساحات.
6/ الاسـتهلاك:
بالرغم من أن غالبية أهل السودان يعتمدون في غذائهم على الحبوب ألا أن الخضر أصبحت تمثل نسبة معتبرة من المواد الغذائية وقد ازداد الطلب عليها بصورة واضحة في السنين الأخيرة ومن أهم العوامل التي أدت إلى ذلك النمو السكاني، زيادة الدخل، الوعي الغذائي، والتعليم. يقدر سكان السودان حسب آخر تعداد بثلاثين مليون نسمة ومن المتوقع أن يسجل ارتفاعاً كبيراً في السنوات القادمة بناءً على النمو السكاني الذي يقدر ب 2.8%. وبناءً على معدلات الإنتاج كان متوسط استهلاك الفرد السنوي من الخضر لمناطق شمال السودان حوالي 40 كيلو جرام في السنة ويختلف استهلاك الفرد لمناطق السودان المختلفة نتيجة العوامل آنفة الذكر
يقدر استهلاك الفرد من الخضر في السنة في الدول المتقدمة بأكثر من 100 كيلو جرام مما يعنى أن الاستهلاك سيزيد في السودان كذلك، الشيء الذي يتطلب زيادة الإنتاج لمواكبة الاستهلاك.
/7المؤسسات البحثية والإرشادية:
اهتمت الدولة بتطوير إنتاج الخضر من خلال إدارات وزارة الزراعة ممثله في البساتين والإرشاد والوقاية لتسهيل وتوفير الخدمات الزراعية. كذلك اهتمت الدولة بتطوير التقنيات وتم إنشاء وحدات لبحوث الخضر في أغلب محطات البحوث الزراعية مثل الحديبة – شندى – الجزيره – شمبات – سنار – كسلا – حلفا الجديدة – الرهد – الأبيض وزالنجي. تهدف برامج البحوث في تلك الوحدات إلى تحسين الأصناف والعمليات الفلاحية وتطوير أساليب مكافحة الآفات والأمراض وقد تم تقييم العديد من الأصناف وأنواع الخضر المختلفة بهدف تأقلمها على البيئات الزراعية في السودان كما تم تحديد العمليات الفلاحية المناسبة لمحاصيل الخضر إلهامه وحصر الآفات والأمراض التي تصيبها والطرق المختلفة لمكافحتها كما أن البحوث ما زالت مستمرة لمواكبة التطور والتصدي للمشاكل المستجدة ولمعالجة مشاكل ما بعد الحصاد والتصنيع بمركز أبحاث الأغذية كما تجرى البحوث أيضاً في كليات الزراعة بجامعة الخرطوم وجامعة الجزيرة وجامعة السودان (محمد وآخرين، 1999).
8/ آفاق التوسع للاكتفاء الذاتي والتصدير والتصنيع:
توجد مجالات كبيرة للتوسع في إنتاج الخضر حيث أن الموارد الطبيعية القومية بالسودان من أراضى خصبة ومياه ومناخ متنوع يتيح إنتاج العديد من أنواع الخضر وهناك إمكانيات هائلة لزيادة الإنتاجية والإنتاج بالتوسع الرأسي والأفقي. وبتطبيق نتائج البحوث واستخدام التقنيات الحديثة وتطوير نظم الإرشاد والخدمات يمكن مضاعفة الإنتاجية أما التوسع الأفقي فالسودان يزخر بالعديد من المناطق المؤهلة لإنتاج بعض المحاصيل الواعدة للتصدير مثل وادي النقع بولاية نهر النيل ودلتا طوكر والقاش وحوض الرهد بالإضافة للمناطق التقليدية التي بها أراضى شاسعة يمكن زراعتها بمحاصيل الخضر.
بالنسبة للاكتفاء الذاتي يمكن القول بأن السودان يحقق اكتفاءً ذاتياً من الخضر ولا يستورد شيئاً أما في مجال الصادر فقد بدأ تصدير الخضر إلى أسواق أوروبا والخليج منذ أوائل السبعينات وقد وجدت بعض المحاصيل مثل الفلفل الأخضر، الفاصوليا الخضراء، الكوسة، الباذنجان والشمام قبولاً في تلك الأسواق خلال فترة الشتاء وفى السنوات الأخيرة زاد الإقبال على إنتاج الخضر للصادر فتوسعت المساحات وزادت الكميات خاصة محصولي الشمام والفاصوليا الخضراء للسوق الأوربي. ويبدو أن هذا المجال سيشهد تطوراً ملحوظاً وإقبالا كبيراً بعد قيام الشركة السودانية للصادرات البستانية والتي من المؤمل أن تقوم بتذليل كافة العقبات التي تعترض انطلاق هذا القطاع كما أن الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس لها مواصفات قياسية لكل سلعة يتم تصديرها لأحكام جودة الصادر.
أما تصنيع محاصيل الخضر الذي يعتبر إحدى الوسائل الهامة للاستفادة من فائض هذه المحاصيل فبالرغم من أنه بدأ مبكراً وخطى خطوات كبيرة بإنشاء مصانع للتعليب والتجفيف في كلٍ من كريمة وكسلا ألا أنه قد واجه العديد من المشاكل أهمها توفير المواد الخام المناسبة بالكميات المطلوبة. بالرغم من ذلك فإن هذا القطاع موعود بمستقبل زاهر إذا تم حل مشاكله (محمد وآخرين، 1999).
9/ مشاكل إنتاج الخضر:
* التمويل: يتم إنتاج محاصيل الخضر بواسطة المزارع الصغير في مساحات محدودة ويعانى المزارع شح في التمويل مما يشكل عقبه في زراعة المساحات المتوفرة.
* مدخلات الإنتاج: مدخلات الإنتاج غير متوفرة وخاصة تلك التي تتعلق بتحضيرات الأرض بالإضافة إلى البذور المحسنة والأسمدة والمبيدات وانسياب الوقود بصورة منتظمة.
* انخفاض إنتاجية محاصيل الخضر مقارنة بمعدلات الإنتاجية في البلاد الأخرى مثل مصر وهناك فجوة كبيرة بين إنتاجية المزارع وما يمكن تحقيقه.
* ارتفاع تكلفة الإنتاج: ارتفعت تكلفة الإنتاج ارتفاعا ملحوظاً نتيجة لارتفاع أسعار المدخلات ولم يتمكن المزارع من استعمالها بالصورة المطلوبة مما أدى إلى تدنى الإنتاج.
* مشاكل التسويق: أسعار المنتوجات غير مجزية في كثير من الأحيان مما عرض المزارع لخسارات كبيرة.
* ضعف توصيل المتاح من التقنيات لزيادة الإنتاج.
10/ دعم وتطوير إنتاج الخضر:
لتطوير إنتاج الخضر بالسودان ولكي تلعب دوراً كبيراً ومؤثراً في الاقتصاد القومي لابد من مراعاة النقاط التأليه والعمل على تنفيذها:
* انتهاج سياسات اقتصادية وزراعية مشجعة للاستثمار ومحفزة للمنتج لمزيد من الإنتاج.
* دعم البحوث العلمية لتطوير طرق الإنتاج المختلفة واستنباط الأصناف عالية الإنتاجية والنوعية ومقاومة للآفات والأمراض.
* تطوير تقنية إنتاج البذور محلياً.
* توفير مدخلات الإنتاج وتمكين المنتج الصغير من شرائها.
* تشجيع تصدير محاصيل الخضر وتذليل الصعاب التي تعترض انطلاقة وتوفير الخدمات اللازمة لزيادة الإنتاجية وتحسين النوعية.
* دعم وتطوير خدمات الإرشاد الزراعي والتدريب وربطه بالبحوث الزراعية بالبرامج المشتركة ومعاونة المنتج في تحديث الإنتاج بصورة متكاملة.
ساحة النقاش