القمح في السودان بين تدهور الإنتاجية والاستيراد
لماذا تقلصت مساحات الزراعة وتغيير نمط الاستهلاك المحلي ؟
أذيع اليوم من هنا ودمدني التي تتوسط معظم المشاريع الزراعية والمروية بالمنطقة الوسطي التي تجمع بين ولاية الجزيرة الممتدة في خمسة ملايين فدان وبين مناطق النيليين الأزرق والأبيض وذو كثافة سكانية عالية ..أذيع معلومات دقيقة تنشر وتذاع علي الهواء لأول مرة عن القمح الغذاء الذي أصبح رئيسياً بعد التحولات التي حدثت في نمط الحياة والغذاء لأهل السودان وكان الاعتماد فيما مضي كلياً علي الذرة الرفيعة والدخن بالنسبة للسودان الشمالي وفي الجنوب يعتمدون علي حبوب أخري والبفره (وهي نبات شجري) إضافة للفاكهة المانجو .
اليوم حدث بالفعل في السودان تقلص في المساحات التي كانت تزرع خاصة بالمشاريع المروية القومية الأربعة وهي مشاريع الجزيرة – الرهد الزراعي – حلفا الجديدة – السوكي، وكان مشروع الجزيرة لوحده يزرع نحو أربعمائة ألف فدان قمح بل بلغ في موسم 1976 أبان التكثيف والتنويع بالمشروع إلي ستمائة ألف فدان تقريباً حاليا تقلصت المساحات بصورة مذهلة بعد أن كان حجم زراعة القمح بالسودان تبلغ نحو أكثر من ثمانمائة ألف فدان و الإنتاج نحو نصف مليون طن متري منها إنتاج مشروع الجزيرة و أراضي ولايتي الشمالية ونهر النيل التي تقع علي النيل الرئيسي .
حالياً حدث انكماش في الإنتاجية وأصبحت لا تزيد عن 350 ألف طن متري وهي تعادل 25% من حجم الاستهلاك المحلي مما جعل حكومة السودان تستورد الكميات التي تغطي الطلب الاستهلاكي إضافة إلي استيراد كميات من الذرة تحدث للمرة الثانية بعد مجاعة 1984 التي أعلنت فيها الأمم المتحدة أن السودان منطقة كوارث مما تطلب (نداء السودان) قدمت فيه الدول الصديقة للسودان المعونات المطلوبة لدرء المجاعة التي حدثت من جراء العطش والتصحر في غرب السودان ومناطق أخري ..
· الحديث اليوم أن تغييراً قد حدث في النمط الاستهلاكي مع زيادة مضطردة في الكثافة السودانية السكانية خلال الخمسين سنة الاخيره وبتعداد السودان عام 1953م قبيل أول انتخابات برلمانية تجري في ظل الحكم الذاتي المؤهل لاستقلال السودان في يناير 1956م كان تعداد السكان احدي عشر مليون نسمة.... اليوم في العام 2005م قد يفوق التعداد ثلاثين مليون نسمة، السودان الشمالي يشكل أكثر من ثلاثة أرباع العدد الكلي والبقية في جنوب السودان .
· وحدثنا المسؤلون الاختصاصين في مركز الدراسات السكانية بجامعة الجزيرة أن نسبة عالية جداً من سكان الأرياف هاجروا للمدن خاصة الكبرى منها في أوساط السودان وحدث تغيير في نمط حياتهم وغذائهم من الذرة الرفيعة بأنواعها والدخن إلي الخبز المصنوع من القمح وأصبحت حكومة السودان تستورد القمح بملايين الدولارات الأمريكية سنوياً بعد أن ضحت بصناعة الغلال ووضعت ضرائب عالية عليها الأمر الذي أدي إلي إغلاق معظمها بسبب الانقطاع الكهربائي وآثاره ألمدمره وصعوبات في الحصول علي زيت الفيرنست بالإضافة إلي شح قطع الغيار ومرتبات العمالة وهنالك ألازمة الحقيقة سوء السياسات الزراعية التي حجمت التوسع في زراعة القمح.
لقد كانت البلاد مكتفية ذاتياً بنسبة لا تقل عن 80% من القمح والدقيق حتى أوساط الثمانيات إلا انه في الفترة التسعينيات والتحولات التي حدثت في السياسة الاقتصادية والخصخصة وتحرير الاقتصاد أتت بنتائج خطيرة للصناعات عامة ومنها (الدقيق) الأمر الذي أدي حتمياً إلي تصفية معظم مطاحن الغلال بولاية الجزيرة علماً أن القمح يعتبر حالياً من المحصولات الغذائية الاستراتيجية التي يعتمد عليها معظم أهل السودان.
نبذه عن القمح
يزرع القمح اساساً في المناطق الباردة وهنا في السودان يزرع في القطاع المروي من شمال وأواسط البلاد إلا أن الإقليم الشمالي يعتبر الموطن الأصلي لزراعة المحصول تاريخياً... حيث دخلت زراعته بالنسبة لأوساط السودان في مشروع الجزيرة في فترة الحرب العالمية الثانية وذلك بسبب صعوبة استيراده آنذاك وبعد نهاية الحرب في مطلع عام 1946م أوقفت زراعته بالمشروع.... ولكن نسبة للزيادة في الاستهلاك بدأ مشروع الجزيرة في زراعة القمح مرة ثانية بعد الاستقلال بزراعة مساحة صغيرة خمسة ألف فدان وبعد ذلك استمر التوسع في زراعته خاصة بعد تعمير امتداد المناقل في فترة 75/ 1966م وبلغت مساحة أراضي القمح المزروعة بالجزيرة والمناقل في موسم 75/1976م 567.500 فدان ومن بعده موسم 76/1977م 504.603 فدان وفي موسم 77/1978م 465.683 فدان، إلا أن المساحة هبطت في موسم 79/1980م إلي 362.502 فدان، ويذكر أن ارتفاع زراعة القمح في السبعينيات جاء بعد تنفيذ خطة التكثيف والتنويع بمشروع الجزيرة... وان الخطة كانت ترمي إلي الاستفادة من مياه خزان الروصيرص باستقلال الأراضي التي كانت غير مستصلحة بمحاصيل نقدية كالقمح والفول وأيامها بلغت جملة الأراضي المزروعة بالجزيرة والمناقل 1.800.000 فدان وتبقت فقط نحو 300 ألف فدان بور غير مستصلحة نسبة لارتفاع أراضيها وعدم صلاحية تربتها الجيدة.
بداية التسعينيات:
لأول مرة شهدت هذه الفترة توسعاً كبيراً وإنتاللهكتار. وصلت نسبياً لحد الاكتفاء الذاتي من القمح نتيجة لجهود بحثية عالمية ثم بدأت تلك الإنتاجية في التراجع المخيف وتشير إحصائيات رسمية صادرة من الإدارة العامة للتخطيط والاقتصاد الزراعي بوزارة الزراعة والغابات الاتحادية انه في موسم 91/1992م بلغت المساحات المزروعة قمحاً بالبلاد ما يقارب مليون فدان وتقول وزارة الري والموارد المائية أنها 900.000 فدان وبلغت الإنتاجية ما تعادل 2 طن متري للهكتار.... والهكتار يعادل 2.38 فدان وبهذا حدث اكتفاء ذاتي نسبياً وقامت شركة مطاحن الدقيق بطحن القمح حسب المواصفات المطلوبة.
موسم 92/1993م :
هبطت المساحة المزروعة والتي تم حصادها إلي 767 ألف فدان حققت إنتاجية 440 ألف طن متري وبلغ الاستهلاك المحلي 970 ألف طن وتمت تغطية العجز باستيراد الدقيق من الخارج.
موسم 93/1994م:
تم حصاد 851 ألف فدان حققت إنتاجية 475 ألف طن متري.
موسم 94/1995م:
بلغت المساحة المزروعة 703 ألف فدان بينما تم حصاد 656 ألف فدان حققت إنتاجية 450 ألف طن متري أي نصف الاستهلاك المحلي.
موسم 95/1996م:
المزروع 730 ألف فدان وتم حصاد 691 ألف فدان والإنتاجية ارتفعت إلي 530 ألف فدان متري.
موسم 96/1997:
تم حصاد 757 ألف فدان أنتجت 628 ألف طن متري مما يشكل ارتفاع نسبي في الإنتاجية.
موس 97/1998م:
المزروع 632 ألف فدان وتم حصاد 599 ألف فدان إلا أن الإنتاجية سجلت تدهوراً وبلغت فقط 169 ألف طن أي 25% (ربع الاستهلاك المحلي) الذي ارتفع بدوره إلي واحد مليون و 219 ألف طن متري.
موسم 99/2000م:
انخفضت المساحة المزروعة إلي 236 ألف فدان وتم حصاد 212 ألف فدان بإنتاجية 211 ألف طن وبلغ الاستهلاك المحلي واحد مليون و 120 ألف طن متري.
موسم 2000/2001م:
بلغت المساحة المزروعة 284 فدانا بينما تم حصاد 278 ألف فدان سجلت إنتاجية 157.500 طن وارتفع الاستهلاك المحلي إلي واحد مليون و 221 ألف طن ويذكر هنا بعدها خلال السنوات الثلاثة الأخيرة حتى 2004م تقلصت المساحات بمشروع الجزيرة إلي 150 ألف فدان وأراضي الشمالية ونهر النيل لا تحقق أكثر من 200 ألف طن متري والمشاريع المروية الاخري لا شئ يذكر.
أسباب التقلص في المساحات :
تشير معلومات أن من أهم الأسباب التي أدت إلي تقلص المساحات للقمح التالي :
1- ضعف التمويل وقلته عن الاحتياج الفعلي الأمر الذي أدي عزوف معظم المزارعين من تطبيق الحزم التقنية مما أدي إلي تدني معدلات الإنتاج وكما هو معلوم حالياً فان تمويل القمح يتم في صور عديدة منها
2- السلف و المرابحة من البنوك الحكومية ثم بعد ذلك يمول من البنوك الخاصة (محفظة البنوك) وبعض السلفيات الزراعية.
3- مشاكل الحصاد التي تتمثل في عدم توافر العدد الكافي من الحاصدات وعدم إيجاد قطع الغيار والعمالة المدربة ثم عدم الالتزام بالمواقيت الزراعية الموصي عليها من قبل هيئة البحوث و التقانة الزراعية .
4- مشكلة الآفات الضارة وانتشار الحشائش ومشاكل التسويق المختلفة وضعف البنية التحتية بالبلاد.
5- مشكلة الجودة والمعايير المطلوبة حسب المواصفات والمقاييس.
تلك هي مشاكل القمح بين الإنتاجية والاستيراد ولماذا حدث الفشل .
انظروا و تمعنوا بعمق وستدركون الحقيقة المجردة
المصدر: : القمح في السودان http://f.zira3a.net/t5677#ixzz2731h8Vx4
نشرت فى 13 فبراير 2013
بواسطة GashRiver
وزارة الزراعة والغابات والرى والثروة الحيوانية والسمكية ولاية كسلا
الموقع يهتم بقطاع الزراعة والثروة الحيوانية والتنمية الريفية ونشر الثقافة الزراعية والبيطرية بين المزارعين والرعاة وقطاع المراة والمهتمبن بالمعلومات الزراعية والبحوث العلمية والتسويق الزراعى »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
507,366
إضافات
شاركنا خلال الفترة 12- 15 ديسمبر فى الورشة التدريبية فى مجال بناء الشبكات المعرفية التى تعلمنا منها الكثير المفيد.
كسلا ترحب بكنانة اونلاين
دعوة للمشاركة فى الاجتماع التنويرى الذى ينظمه فريق موقع نهر القاش بقاعة وحدة تنسيق المشروع بكسلا فى يوم الثلاثاء الموافق 27/12/2011 وذلك بهدف تعريف المشاركين بأهمية التشبيك والتفاكر فى كيفية تفعيل مصادر المعرفة وإثراء المعارف على الصعيدين الوطنى والإقليمى.
كسلا ترحب بكنانة اونلاين
دعوة للمشاركة فى الاجتماع التنويرى الذى ينظمه فريق موقع نهر القاش بقاعة وحدة تنسيق المشروع بكسلا فى يوم الثلاثاء الموافق 27/12/2011 وذلك بهدف تعريف المشاركين بأهمية التشبيك والتفاكر فى كيفية تفعيل مصادر المعرفة وإثراء المعارف على الصعيدين الوطنى والإقليمى.
ساحة النقاش